صمم باحثون في جامعة الهندسة والتقنيات في دولة بيرو لوحة يمكنها إنتاج مياه نقية للشرب وتجميعها من الرطوبة المتوفرة في الغلاف الجوي.
لا تسقط الأمطار إلا نادرا في ليما عاصمة بيرو الواقعة على أطراف صحراء أتاكاما وهي واحدة من أكثر الأماكن جفافا في العالم،. فهناك نحو 700 ألف من البشر يفتقرون إلى المياه النظيفة للشرب، أو الاستحمام. وهناك أيضا نحو 600 ألف من سكان المدينة البالغ عددهم 7.5 مليون يعتمدون على الأحواض والصهاريج التي تنقل المياه لهم، والتي ينبغي ملؤها بالمضخات، أو بواسطة اليد، ومن ثم تنظيفها بانتظام.
* تكثيف رطوبة الهواء
* لكن ليما بموقعها على شاطئ المحيط الهادي تعاني من درجة رطوبة عالية تزيد على 90 في المائة في أيام الصيف، الذي يكون بين شهري ديسمبر (كانون الأول) وفبراير (شباط). فقد قام المهندسون من جامعة بيرو للهندسة والتقنيات (يو تي إي سي) بابتكار أسلوب لتحويل الهواء الرطب إلى مياه صالحة للاستخدام. ونصبوا في ديسمبر الماضي لوحة في منطقة بيوجاما في ليما، تمكنت في أوائل مارس (آذار) الماضي من إنتاج 9450 لترا (2500 غالون) من المياه.
وجاءت هذه الفكرة لأن الجامعة المذكورة واجهت مع اقتراب الفصل الدراسي الجديد، تدنيا ملحوظا في عدد الطلاب المسجلين، فرغب قسم الهندسة فيها أن يبتكر طريقة لجذب المزيد من طلاب الهندسة إليه. لذا توجه إلى «مايو بابليسيداد»، التي هي وكالة إعلان في بيرو، إضافة إلى عقده شراكة بين المهندسين والشركات المسوقة، لتصميم إعلان يقدم عرضا مرئيا جدا عن مشاريع الجامعة الهندسية. وهكذا ولدت فكرة اللوحة التي تجمع المياه.
تحتوي اللوحة على خمسة مكثفات، تقوم الكهرباء المستمدة من خطوط التيار في المدينة بتشغيلها. ويشبه المكثف ما هو موجود داخل مكيف الهواء في منزلك، إذ إن تلك المكثفات الموجودة في اللوحة التي صممتها الجامعة، هي أبرد من الهواء الخارجي، وعندما يقوم الأخير بملامسة السطوح الباردة للمكثفات، يبرد هو الآخر أيضا، مما يجعل بخار الماء في الهواء يتكثف إلى ماء سائل. وبعد عملية التنقية بالنضح العكسي ينساب الماء إلى خزان بسعة 20 لترا يقع في أسفل اللوحة. وتقوم كل لوحة بإنتاج نحو 96 لترا من المياه يوميا، لتقوم حنفيات وصنابير بسيطة بتأمينها للسكان المحليين. وذكرت مجلة «بوبولار ميكانيكيس» الأميركية أن جامعة «يو تي إي سي» لم تعلن بعد ما إذا كانت ستوزع المياه هذه مجانا، لكنها ذكرت أن تركيب اللوحة الواحدة يكلف نحو 1200 دولار.
* مشاريع خليجية
* وهذه ليست المحاولة الأولى لسحب المياه النظيفة من طبقات الهواء الرقيقة. ففي عام 2011 قامت شركة «أول» الفرنسية بتركيب توربين هوائي في أبوظبي ذكرت انه أنتج أكثر من 1400 لتر من المياه يوميا. فقد بلغ طول هذا التوربين «دبليو إن إس 1000» 24 مترا (78 قدما)، وطول مراوحه 13 مترا، التي تدور بسرعة 100 دورة في الدقيقة لتشغيل مولد كهربائي بطاقة 30 كيلوواط. وهذا من شأنه تشغيل مكبس داخل التوربين، مما يجعل الهواء يدخل إليه عن طريق مأخذ خاص لتتكثف الرطوبة خارجه مع برودة الهواء. أما الماء فينساب إلى الأسفل لتنقيته وتخزينه في خزان يقع في أسفل التوربين.
لكن التوربين بحاجة إلى رياح بسرعة 15 ميلا على الأقل، لتوليد ما يكفي المكبس من الطاقة. وفي المناخ الصحراوي، حيث إن معدل درجة الحرارة تصل إلى 35 مئوية، والرطوبة النسبية إلى نحو 30 في المائة، يتمكن توربين «دبليو إن إس 1000» إنتاج نحو 350 لترا من المياه يوميا. أما في المناخ الرطب على شواطئ البحار، فإن هذا الإنتاج يزداد ليصل إلى قرابة 1200 لتر يوميا. ولدى إضافة وحدة للطاقة الشمسية إلى التوربين، فقد يزداد الإنتاج بنحو مئات قليلة من اللترات.
وقامت شركة «أول» بتصميم التوربين للمجموعات السكنية القاطنة في ألأماكن النائية التي يقل عدد أفرادها عن 5000 شخص. لكن لدى إطلاقها توربينها «دبليو إن إس 1000» هذا تجاريا في عام 2012، كان سعر الواحد منها يبلغ نحو 660 ألف دولار، أي أكثر بكثير من ميزانية غالبية المجموعات السكنية الصغيرة في البلدان النامية.
وتعاني مدن مثل ليما وغيرها من الحواضر، كالقاهرة مثلا، من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب، تماما مثل القرى النائية البعيدة، ومن الممكن إيجاد حلول بتمويل إعلاني، قد تعمل جيدا مع البنية الكهربائية الأساسية. ولم تعلن جامعة «يو تي إي سي» بعد عن خطط جديدة لتركيب المزيد من هذه اللوحات في ليما، أو جعل هذه التقنية متوفرة تجاريا في أماكن أخرى، لكن المشروع أطلق نقاشا جديدا حول كيفية تأمين مياه نقية للمناطق المحتاجة.http://www.aawsat.com/2013/05/11/images/technology1.728101.jpg
وتقدر منظمة الصحة العالمية أن ثمة مليارا من البشر في العالم، بحاجة إلى مياه الشرب النقية التي يؤدي نقصها إلى أمراض شديدة مثل الكوليرا وغيرها