بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعين به ونستغفره ونعود بالله تعالى من شرور
أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله تعالى فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
واشهد أن لا اله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما
بعد فان أصدق الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدي هدي محمد صلى الله
عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
في العالمين انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على
إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
هلال خير وبركة
راشد عبدالرحمن العسيري
بسم الله الرحمن الرحيم
هلال خير وبركة ، أطل علينا من بعيد ، فيا مرحباً بمقدم الضيف الحبيب ، أطل علينا سيد الشهور، وأفضلها على مر العصور، شهر القرآن والصيام والقيام ، شهر جعل الله صيامه فريضة ، وقيام ليله تطوعاً وفضيلة ، تُفتح فيه أبواب الجنان، وتُغلق فيه أبواب النيران ، وتصفد فيه الشياطين .
شهر المغفرة والرحمات والعتق من النيران ، شهر الصبر والمواساة ،
شهر التكافل والتراحم، شهر التناصر والتعاون ، شهر الفتوحات والانتصارات،
شهر تُرفع فيه الدرجات، وتُضاعف فيه الحسنات، وتُكفّر فيه السيئات، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حرم ، ومن نال أجرها فقد فاز وغنم.
غمرت فرحة مقدمه الأفئدة ، وتلألأت به وجوه خاشعة ، وانشرحت فيه صدور مؤمنة.
لو تكلمنا عن فضائله لما وسعنا الزمان في ذكر محاسنه ، ويكفي لنا قول خير من صلى وصام عن شهر الصيام : (( أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ،
مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ )) .
فمرحباً بنفحات الجنة ، ورضا الرحمن ، فالزائر قد طالت غيبته ، وعظمة مكانته ، له في النفس شوقا ، وكيف لا وهو طريق الجنة ، أجوره مضاعفة ، وأعماله مباركة ، قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم : (( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ؛ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ )) .
فلنتعرض لنفحات الله تعالى في هذا الشهر الكريم ، ولنعقد العزم
من أول يوم من أيامه أن نكون إلى الله أقرب وعن النار أبعد ، لكي لا نضيع فرصاً قد أتت ، فلعلنا لا ندرك رمضان ، ولعل رمضان يأتي ولا يلقانا ، فكم من عزيز كان معنا في رمضان الماضي وهو الآن تحت الثرى .
وهذه ثلاث نفحات ربانية ، وبشارات نبوية ، ينبغي للمسلم اغتنامها والتعرض لها، أولها : قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ((، وثانيها : قوله صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) ، وثالثها : قوله النبي صلى الله عليه وسلم: (( مِنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) .
فالله الله في الصيام ، والله الله في القيام ، والله الله في ليلة القدر .
راشد عبدالرحمن العسيري